طارق الأدور يكتب: كرة القدم لعبة الفقراء.. وكوارث الناشئين في مصر

الأحد 25/أغسطس/2019 - 12:06 م
كتب: طارق الأدور
وان ثري| بوابة الرياضة المصرية
أعلم تمام أنني أدخل عش الدبابير عندما أتحدث عن مدارس كرة القدم التي هي الممول الحقيقي للمواهب الكروية التي كانت حتى وقت قريب يتم البحث عنها في الشوارع والأزقة عن طريق الكشافين قبل أن يتحول الأمر إلى مجرد بيزنس الغرض منه فقط جمع المال عن طريق أكاديميات وهمية لا تخرج لاعبين بقدر ما تحقق عوائد مالية كبيرة لمؤسسيها وتتحكم فيها الواسطة في لعبة تعتمد في المقام الأول على الموهبة.

عن الدواء الرابع في روشتة علاج الأمراض المزمنة للكرة المصرية أتحدث اليوم عن منظومة الناشئين في مصر التي كادت تنضب وتتحول إلى تجارة فقط الغرض منها جمع المال وليس إفراز مواهب ولاعبين على مستوى متميز، بعد أن تحدثت من قبل عن 3 عوامل أخرى هي تأسيس دوري قوي محترف، وإتحاد يدير الكرة بطريقة إحتراقية ولا يعرف الألوان، ولوائح صارمة تطبق على الكبار والصغار.
وسأبدأ من الآخر في قضية الناشئين في مصر بوضع نتائج فرق الناشئين تحت 17 سنة والشباب تحت 20 سنة (وهما المرحلتين السنيتين المعترف بهما دوليا وتقام لهما بطولة لكأس العالم) في الميزان لنجد أن مصر لم تتأهل لنهائيات البطولة الأفريقية للناشئين تحت 17 سنة والتي تقام كل عامين على مدى الدورات الثمان الأخيرة من 2005 وحتى 2019 سوى مرة وحيدة عام 2011 في رواندا ووقتها تذيل منتخب مصر مجموعته وخرج من الدور الأول.

تصوروا رغم الفارق في الإمكانيات والبنية التحتية بيننا وبين أغلب دول أفريقيا لم نتمكن من مقارعتهم في هذه المرحلة السنية التي تمثل الكثير للاعب كرة القدم في مرحلة النضج.

وعلى مستوى فرق الشباب تحت 20 سنة التي تمثل الممول الحقيقي للفريق الأول بالعناصر المميزة، لم نفرز منذ الجيل الذهبي الذي قاده حسن شحاته في بوركينا فاسو 2003 للفوز باللقب الأفريقي والتأهل لكاس العالم وكان يضم عماد متعب وعمرو زكي وأحمد فتحي وحسني عبد ربه وشريف إكرامي، سوى جيل وحيد قاده ربيع ياسين للفوز باللقب القاري في الجزائر عام 2013.

هذا هو نموذج لما وصلنا إليه الآن من تراجع في مراحل سنية إذا زاد الإهتمام بها ستكون النتائج مبهرة كما حدث مع جيل الشباب الذي كان النواة للفريق الذي قاده فيما بعد حسن شحاته على مستوى الفريق الأول لتحقيق كأس الأمم الأفريقية 3 مرات متتالية.

والحقيقة الدامغة أن تحول التعامل مع قطاعات الناشئين على أنها نوع من أنواع البيزنس، أثر بشكل كامل على إفراز المواهب لأن الأمر لم يعد يهدف إلى البحث عن المواهب كما كان في الماضي، وأصبح يتلخص في تكوين أكاديميات تتقاضى بين 300 و500 جنيه شهريا ليتدرب الناشئ مرتين أو ثلاثة أسبوعيا ويلعب فيها من يملك إمكانيات فنية أو من لا يملك، بل يكون هناك الكثير من مرتاديها ممن يستحيل إخراج مواهب منهم، وبالطبع لن يستطيع من ضاق حالهم بالحالة الإقتصادية دفعها.

والحقيقة الأخرى أن كرة القدم كما يطلقون عليها في كل أنحاء العالم هي لعبة الفقراء، ولا أوجه هنا الكلام عن لاعبين كبار في العالم أصبحت دخولهم بالمليارات من الكرة ولكن إنظروا كيف تحول ماسح الأحذية الفقير بيليه إلى الجوهرة السوداء البرازيلية الذي حقق كأس العالم 3 مرات، وكيف تحول ميسي الذي خرج من أسرة فقيرة لم تكن تتحمل تكاليف علاجه من نقص هرمون النمو إلى واحد من سحرة الكرة في التاريخ، بينما لم نسمع يوما عن إبن وزير أو مليونير تحول إلى نجم كرة قدمِ، تلك هي تفاصيل صغيرة للخالق سبحانه وتعالى للتوازن البشري، لذلك فعودة البحث عن المواهب الحقيقية في دهاليز القرى والنجوع،... هي الأجدى بدلا من أكاديميات البيزنس
[email protected]