طارق الأدور يكتب: الرياضة المصرية والأخلاق المفقودة

الإثنين 16/سبتمبر/2019 - 02:35 م
كتب: طارق الأدور
وان ثري| بوابة الرياضة المصرية
ممارسة الرياضة أو الإنخراط في العمل بها تمنح صاحبها أخلاقا سمحة، تجعل له ميزة خاصة، إلى جانب ما تمنحه لممارسها من مميزات صحية عديدة.

ولهذا يطلق على أي شخص يتمتع بأخلاقيات حميدة وأسلوب راقي في الحوار أنه "راجل سبور"، وهي كلمة ذات أصل فرنسي تعني رجل رياضي، وهو ما يدلل على قيمة الرياضة في منح ممارسها لهذه الميزة، التي لم تعد للأسف غير موجودة في الوسط الرياضي في السنوات الأخيرة.

وأتناول اليوم قيمة الأخلاقيات حتى يستقيم وضع الرياضة وكرة القدم بشكل خاص بإعتبارها الدواء الثامن الذي أقدمه في الروشتة المتكاملة لعودة الكرة المصرية إلى مكانتها بعد أن تناولت من قبل 7 عوامل أخرى هي تأسيس دوري قوي محترف، وإتحاد يدير الكرة بطريقة إحتراقية ولا يعرف الإنتماءات، ولوائح صارمة تطبق على الكبار والصغار، ومدارس كروية تبحث عن المواهب في القرى والنجوع والأماكن الفقيرة، وتشكيل رابطة للأندية المحترفة تدير المسابقات بالإحترافية التي تدار بها أكبر مسابقات العالم، والحضور الجماهيري الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من نجاح المنظومة، وإعادة تهيئة الملاعب بشكل يجذب الجماهير والرعاة.

وقد يعلق البعض على هذا البند متساءلا "ما علاقة تلك الأخلاق بما وصلنا إليه من تراجع في السنوات الأخيرة، والحقيقة أنها علاقة وثيقة للغاية، لأن ما إنتشر في الوسط الرياضي من سباب والفاظ خارجة يعاقب عليها القانون، وحالة الهرج والمرج في وسائل الإعلام المختلفة والتي تدخل بيوتنا عنوة، والتي يفترض أنها لا تنقل إلا ما يصلح لأن يسمعه الشباب والأطفال والسيدات والشيوخ كما تعلمنا في بلاط الإعلام وصاحبة الجلالة، كل هذا أدى إلى إنفلات الوسط الإعلامي دون أن يجرؤ أحد أن يوقف تلك المهازل التي تزداد يوما بعد يوم دون رادع.

لا أريدكم أن تعتبروني كما تلقيت من العديد من الأصدقاء عبر مواقع التواصل الإجتماعي وغيرها أنني أحرث في البحر وأنني لن انجح في حملتي لإنقاذ الكرة المصرية من أشخاص لن اشرف هنا بذكر أسمائهم، رغم انني حددتهم بالإسم مرارا من قبل، وتحملت الكثير من اجل إعلاء أخلاقيات الرياضة، وإيقاف هذا العبث بمقدرات لعبة شعبية هي الماء والهواء والمتعة لشعب كامل، لأنني أعتبر أن "كل شئ وله آخر" كما قال الراحل العظيم رشدي أباظة في فيلم "الرجل الثاني".

إلى هنا فالأمر يقف عند إسفاف المسئولين عن الرياضة عبر وسائل الإعلام وتكدير الوسط وإحداث حالة من اللغط طول الوقت تزيد بالتالي من إحتقان الجماهير، ولكن الأمر إزداد سوءا لأن تلك الظاهرة لم تتوقف عند تكدير أذن المشاهدين والمتابعين، ولم تتوقف عند إثارة الجماهير والتلاعب بمشاعرهم، بل ودخلت لتصيب العدالة، التي هي الأساس في ممارسة الرايضة، في مقتل.

لم يعد الأمر مجرد صوت عالى وإيهام الجماهير بأن هذا الصوت أو تلك الجماهيرية هي التي تمنح الحق وتحقق المطلوب وإنما تجاوز ذلك إلى الإخلال بمبدا تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة خوفا من لسان هذا او جماهيرية ذاك أو سطوة سلطة.

في كل مكان في العالم هناك ضوابط للحفاظ على أخلاقيات الرياضة والإحتفاظ بها كعنصر ترفيهي للشعوب، وليس عنصرا يزيد الإحتقان والشغب، من خلال لوائح صارمة تحاسب المتجاوز دون تمييز، وعندنا توجد لوائح وقوانين ولكنها لا تنفذ على المتجاوز،... وإلى هذا الحين ترقبوا المزيد من السفه والخروج عن النص طالما لم تنفذ اللوائح والقوانين التي هي دواء أساسي لعودة الكرة إلى بريقها والتخلص من قاموس الشتائم الذي نعيشه.
[email protected]